الأحد، يونيو 10، 2012

عن أجساد منتهكة و أشخاص تقاوم

كثيرا ما يتحدثون عن من تم انتهاكهن. كثيرا ما يتحدثون عن أجسادهن. كثيرا ما يتحدثون عن عرضهن لأجسادهن و كأن للمصرية أن تتخلى عن جسدها و لكنها تمشى به لحبها الجم للفاحشة. تنتهك المصرية الفقيرة و بنت الطبقة الوسطى و أيضا الغنية و لكنهن في الواقع لسن على سواء. هناك مصريات تتجنبن بعض من الانتهاكات عندما تركبن السيارات الخاصة أو تذهبن إلى أماكن خالية من التحرش و لكنها أكثر تكلفة من أن تتحول لملجئ لكل المصريات. هناك أخريات تحتجن إلى العمل بمحلات تنتهكن فيها من صاحب العمل أو/و الزبون و من المارة بالشارع و في المواصلات العامة (معقل المتحرشين). لا يقتصر الانتهاك على الانتهاكات اللفظية (ما أرفض تسميته بمعاكسة) و إنما يشمل إنتهاك جسدي يأخذ من روح المصرية شيئا فشيئا. إنتهاك يومي مستمر في وضح النهار على مرأى و مسمع أيضا من الجميع.


قليلا ما يذكرون عن من ينتهكهن. قليلا ما يذكرون عن من يطاردهن خلسة حتى تتسنى له اللحظة المناسبة للإنقضاض على الفريسة. قليلا ما يذكرون عن تواطئ مجتمع بأكمله "يرى" و لا يتدخل و كأن هي مشكلة المصرية وحدها. لا ليست بمشكلة المصرية وحدها فكل مصري رأى و تصور أنها ليست قضيته هو بعين المصرية أسوء من المتحرش. هي مشكلة مجتمع يرى و يتجاهل ما رأى. هي مشكلة مجتمع أعطى المتحرش الأمان و نبذ الضحية. هي مشكلة مجتمع برجاله و نسائه تفكك و يتفكك أكثر.

اه يا حرة اه يا حرة انت ثورة جوا ثورة...أحد أقوى هتافات التحرير. إذا كنا سنثور على الطغيان المتمثل في النظام السياسي فلن ننجح دون أن نثور على كل أشكال الطغيان التي أصبحت تحكم علاقتنا المجتمعية. مقاومة التحرش هي مقاومة للطغيان و للقمع. بوادر مقاومة جماعية (و أقول جماعية لأن كل مصرية كانت و لا تزال تقاوم) بدءت تظهر و لكنها لا تزال تتحرك في إطار نخبوي و تحتاج إلى نضج و تسييس.

عندما نزلن بعض الناشطات و النسويات للتظاهر ضد التحرش واجهن مقاومة الجانب الآخر. فلن يسمح الذكر المتحرش بصوتهن و لا بإهانته؛ فهو يمارس حقه المعطى -سلطته- منذ زمن على كائنات يراها أدنى. علينا أن ندرك أن الحرب ضد التحرش هي حرب شرسة و علينا أن نتوقع مقاومة متحرش و مقاومة مجتمع نحن جزء منه. علينا أن نتطور إلى حملة بأهداف واضحة تعمل من خلال جبهات عدة و لا تقتصر على إحتجاجات نخبوية. علينا أن نختار جمهورنا و شعاراتنا و تحركاتنا و أن ندرك الأثمان التي يجب أن ندفعها.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق