الاثنين، نوفمبر 14، 2011

على من أغضب؟ المتحرش أم المجتمع؟



طبعا أكره المتحرش, طبعا أحمله مسؤلية أفعاله و لكن مشكلتي بالأساس تكمن برد الفعل. لا رد فعل الفتاة المتحرش بها إنما المشاهدون و المارون و السامعون؛ مشكلتي مع المجتمع.


عن المكان و الزمان:
حكايات التحرش ممتلئة بقصص أحداثها تقع في وسط النهار و بالشوارع الرئيسية, في أماكن العمل و الموصلات و أماكن الاحتفالات, و حتى المساء. من يسمع تلك الحكايات يسمع عن الفتاة التي حاولت ان تستنجد بالمحيطين بها و عن التي كان لها رد فعل يلفت الأنظار -أو من المفترض أن يلفت الأنظار- و أيضا يسمع حكاية التي انتزعت ملابسها في وضح النهار و وسط الناس؛ و التي تجمع حولها بضع شبان يتحرشون بها بالتوالي أو مجتمعين في الشارع الذي تسكن به.



عن المتفرجين و المارون:
بتلك الحكايات نتعرف على المارون الذين لم يستوقفهم مشهد انتزاع المتحرش لملابس الفتاة؛ و عن الذين حضروا حفل ينظمه نشطاء سياسيين و فنانين مستقلين و لم يستوقفهم صريخ الفتاة التي تحاول بيأس حماية جسدها من الانتهاك؛ و عن البوابين الذين تجمعوا ليتسلوا و يشاهدوا مشهد تجمهرالمتحرشين حول طالبة المدرسة -التي تقتن بالشارع الذي يحرسون مبانيه- و هم متجمعين حولها و تحت بيتها. بتلك الحكايات أيضا الذين إستوقفهم صراخ فتاة و رأوا المتحرش يركد فتركوه و تجمعوا حولها يسألوها بكل قذارة هو عملك ايه؟

عن المجتمع:
لماذا يخاف الناس من التدخل لمساعدة فتاة من التحرش و الانتهاك؟! أم أنهم يظنون أن الأمر لا يعنيهم؟! كيف و متى أصبح التحرش, انتهاك الجسد و الاغتصاب جزء من نسيج هذا المجتمع بذلك الشكل المتوحش؟! لماذا لا يتدخل الاب و هو في طريقه الى بيته و ابنته ليساعد الطفلة التي يتم انتهاكها امامه؟ ألا يدرك أنها ابنته؟! الا يأبه بها؟!

يدعي البعض هراءات مثل لوم الأنثة فيما ترتديه أو طريقة مشيها أو رغبتها بذلك. أخرون لا يروا الأنثة إنما يروا الذكر فيلحقوا له أعذار عن الزحمة و عدم قصده أو عن الفقر الذي لا يتيح له أن ينفس عن رغباته الجنسية "الطبيعة". أما الأسواء فأولائك الذين يتحدثون عن عدم وجود رد فعل مناسب أو عن أن الأمر لا يخصهم فهم لهم ما يعانون منه هم أنفسهم.

عني:
لماذا لا أتدخل أنا عندما أرى فتاة تنتهك؟ هل أراهن؟ هل أشعر أنا أيضا باليأس و عدم جدوى التدخل؟



عن حملة ولاد البلد:
بعيد الفطر بادر بعض الشباب بحملة أطلقوا عليها مسمى ولاد البلد و طالبوا الناس بالانضمام أيا كان عمرهم أو جنسهم. لم يتطوع الكثير من الناس. نجحت الحملة في إطار صغير بمنع بعض حالات التحرش و ذلك لقلة عددهم. الكثير انتقدهم من منطلق ان البنت لا تحتاج لمن يحميها و يكون وصي عليها أو من منطلق أن بعض شباب الحملة كانوا يطالبوا البنات بالاحتشام و يلقوا باللوم على اللاتي تلفتن الأنظار بأزياء فاضحة أو مثيرة. نعم كانت تلك من سلبيات الحملة لكن لماذا لم ينضم من إعترض على تلك التفاصيل -مضيفا الى الحملة نقده لها؟! حتى اذا كنا نعتقد اغلب الوقت ان لا جدوى من التدخل في الحالات الفردية اليومية, ألا نرى أن وجودنا كجزء من حملة مشابهة قد يساهم في التصدي للتحرش و الاغتصاب؟! ألا نرى أن التحرش بشكله الحالي هو مسؤولية المجتمع و كل فرد فيه؟!




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق